في هذا المقال نقدم وجهات نظرنا الإستراتيجية حول سبب كون مصر موقعًا واعدًا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كمركز للطاقة الخضراء لإنتاج وتصدير الكهرباء الخضراء والهيدروجين والأمونيا والميثانول مما يساعد في حل مشكلة الطاقة وأزمات تغير المناخ وأهداف الانبعاثات الصفرية.

يتم انتاج الهيدروجين الأخضر عن طريق تقسيم الماء إلى هيدروجين وأكسجين باستخدام الكهرباء المتجددة. هذا مسار مختلف تمامًا مقارنة بالهيدروجين الرمادي والأزرق. يعتبر الهيدروجين  من أكثر مصادر الطاقة النظيفة كفاءة من الطاقات البديلة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بسبب انخفاض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون سواء من خلال الإنتاج والتخزين والتحويل أو النقل. يتم استخدامه كمصدر بديل للطاقة في الصناعة الخضراء والزراعة وتكرير النفط والتدفئة المنزلية أو كوقود بديل للطائرات والسفن والشاحنات والسيارات والقطارات.

بالإضافة إلى الالتزامات المالية يحتاج نظام الهيدروجين الأخضر إلى توطين الصناعة ونقل التكنولوجيا لتلبية معايير محددة على سبيل المثال إمداد مرتفع من الطاقات المتجددة من الشمس والرياح بأقصى سعة والوصول إلى البنية التحتية للمياه والتوزيع والنقل والاستقرار الجيوسياسي واتباع اتفاقيات التجارة الدولية والامتثال لمعايير وسياسات الاستدامة.

لا يزال إنتاج الهيدروجين الأخضر مكلفًا (دولار / كجم من الهيدروجين الأخضر) مع الزيادة في تنفيذ مشاريع الهيدروجين الخضراء العالمية وتقدم التقنيات التكنولوجية (على سبيل المثال تكنولوجيا المحللات الكهربائية) من المتوقع أن ينخفض ​​السعر بنسبة 20-40 ٪ بحلول عام 2050 مقارنة بالهيدروجين الرمادي.  وفقًا للوكالة الدولية للطاقة المتجددة

توضح النقاط التالية عرض القيمة لمحور الطاقة النظيفة  في مصر وتأثيره على إنتاج وتصدير الكهرباء الخضراء والهيدروجين والأمونيا:

موقع مصر الجغرافي الفريد 

موقعها على مفترق طرق إفريقيا وأوروبا وآسيا ومع تدفق حوالي 13 ٪ من التجارة العالمية عبر قناة السويس وفرة الطاقة المتجددة ومصادر الغاز الطبيعي والمسال  تجعل من مصر مركزًا عالميًا للطاقة النظيفة لإنتاج وتصدير الهيدروجين والأمونيا بطريقة فعالة من حيث التكلفة مع مراعاة تأثير عوامل الاستدامة وتغير المناخ.

وفرة الطاقة المتجددة

تمتلك مصر 58٪ من الأراضي المؤهلة لمراكز الطاقة الشمسية المفتوحة بمتوسط ​​2333 ساعة في السنة مع 2000 إلى 3200 كيلوواط ساعة / مترمربع من الإشعاع الشمسي المباشر. تمتلك مصر مناطق برية ذات سرعات رياح عالية وثابتة وهي مناسبة لاقتصاديات طاقة الرياح.

وفقًا لاستراتيجية الطاقة المتجددة 2035 ستنتج مصر 61000 ميجاوات من الطاقة المتجددة منها 31000 ميجاوات ستكون من الطاقة الشمسية \و 12000 ميجاوات من الطاقة الشمسية المركزة و 18000 ميجاوات من طاقة الرياح وذلك بهدف زيادة انتاج  الطاقة المتجددة ومصادر الطاقة المساهمة للطاقة النظيفة. سترتفع حصة الطاقات المتجددة في توليد الكهرباء في مصر إلى 42٪ بحلول عام 2035. وهي تخطط لزيادة توليد الطاقة من 3.5 جيجاوات في عام 2020 إلى 13.7 جيجاوات في عام 2030 لتلبية احتياجات الطاقة في البلاد وانتاج الهيدروجين الاخضر.

 مصادر الغاز الطبيعي والمسال

من المتوقع أن تستخدم مصرغازها الطبيعي "كوقود انتقالي" للطاقة الخضراء وتطوير قدرتها على إنتاج الهيدروجين الأزرق كمرجلة للانتقال إلى الهيدروجين الأخضر.  تمتلك الدولة بنية تحتية هائلة للغاز الطبيعي ومنشآت تسييل الغاز وخبرة في البناء والموانئ البحرية. إن إعادة استخدام خطوط أنابيب الغاز الطبيعي الحالية عن طريق مزج الغاز الطبيعي مع الهيدروجين الأخضر بنسبة ممكن ان تصل الي 76٪ إلى 24٪ سيقلل التكاليف بنسبة 10٪ إلى 35٪ وفقا للوكالة الدولية للطاقة المتجددة (إيرينا) ويمثل فرصة استثمارية جذابة لإنتاج وتصدير الهيدروجين والأمونيا الأخضر.

قدرات توطين صناعات الهيدروجين والأمونيا الخضراء في مصر

تستعد مصر لتلبية معايير توطين صناعة الهيدروجين الخضراء لتصبح موردًا رئيسيًا للهيدروجين الأخضر والأمونيا لأوروبا وآسيا. وذلك لتوافرالامكانيات كالطاقة المتجددة منخفضة التكلفة والبنية التحتية اللوجستية وتوافرمحطات تحلية ومعالجة مياه البحر وامكانية استخدام خطوط أنابيب الغاز الطبيعي الموجودة حاليا وكذلك الشاحنات والقطارات عالية السرعة التي سوف  تربط موانئ البحرالأحمر بالموانئ. على ساحل البحرالأبيض المتوسط . بالضافة الي النقل العالمى للسفن عبر قناة السويس الى جانب الاستقرارالجيوسياسي لمصر واتفاقيات التجارة الدولية ذات الصلة مع الامتثال لمعايير وإرشادات الاستدامة للمناخ .

نقل تكنولوجيا الهيدروجين الأخضر وتنمية المهارات ومراكز البحوث

مصرلديها أكثر من 40٪ من اجمالى السكان من الشباب الذين يمثلون موارد هائلة في التعليم والجامعات والشركات الناشئة ومراكز البحث وسوف يكون لهم دوراساسى  لدعم الانتقال إلى الطاقة النظيفة ونقل التكنولوجيات  ذات الصلة خاصة بالنسبة للابتكار التكنولوجي وتطوير إنتاج الهيدروجين والأمونيا الأخضر مثل المحلل الكهربائي للهيدروجين وتكنولوجيا تحويل االهيدروجين الخضرإلى مشتقاتة المختلفة وتخزين الطاقة والتقاط الكربون وتخزينه.

إن إنشاء مراكز بحثية للطاقة المتجددة والهيدروجين الاخضر في مصر بالتعاون والتحالف مع المراكز الدولية الرائدة فى هذة المجالات سيساعد في التسريع التحول إلى الاقتصاد الأخضر.

التعاون والشراكات مع أفضل شركاء التوريد العالميين للطاقة الخضراء والهيدروجين والأمونيا

في مؤتمر الأمم المتحدة لتغيرالمناخ في شرم الشيخ في نوفمبر 2022 وقعت مصراتفاقيات إطارية مع شركات طاقة دولية لبناء تسعة مصانع خضراء للهيدروجين والأمونيا والميثانول بطاقة 10 جيجاوات ومشاريع للطاقة المتجددة بقيمة 80 مليار دولار تهدف إلى إنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاتها للاستخدامات المحلية والتصدير إلى أوروبا وآسيا. ستقام هذه المصانع في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وساحل البحرالأبيض المتوسط ​​ مما يضع مصرعلى المسار الصحيح لتصبح مركزًا إقليميًا للهيدروجين الأخضر والأمونيا والميثانول.

توافر بيئة استثمارية مواتية ودعم تسويقي دائم

يعد توافررأس المال وبيئات الاستثمار الملائمة أمرًا ضروريًا لبناء سلسلة قيمة شاملة لإنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا والميثانول. يعد بناء الشراكات والتحالفات عاملاً مهمًا آخر لتأمين الأسواق والمستخدمين النهائيين على المدى المتوسط ​​والطويل بمجرد أن يصبح ذلك مجديًا تجاريًا. لقد قطعت مصر شوطا كبيرا وتقدما ملحوظا في توفير البيئة الملائمة للاستثمار مع بناء البنية التحتية ونقل الكهرباء لانتاج الهيدروجين الاخضر ومشتقاتة مثل الامونيا والمثانول.  بالاضافة الي عقد التحالفات والشراكة مع الشركات العالمية لنقل وتوطين التكنولوجيا واستخدمات وتصدير الهيدروجين الاخضر ومشتقاتة في تمويل السفن وصناعت الاسمدة الخضراء والبطاريات للنقل والسيارات .

ملخص الاستنتاجات

تُظهرموارد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح ذات المستوى العالمي في مصر إلى جانب موقعها الجغرافي الفريد إمكانية تطوير الطاقة المتجددة على نطاق واسع ومنخفض التكلفة في إنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا والميثانول للاستخدام المحلي والتصدير. بالنظر إلى أن تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر يمكن أن تصل إلى 2.0 دولار لكل كيلوغرام بحلول عام 2035 فإن مركز الطاقة الخضراء في مصرسيكون له ميزة تنافسية طويلة الأجل من خلال سلسلة التوريد العالمية منخفضة التكلفة والفعالة بالإضافة إلى التعاون مع شركاء الطاقة العالمية والتوريد وكذلك البنية التحتية والاستثمار.

في المقالة التالية سوف أشارك ببعض التوصيات الاستراتيجية مع أفضل الممارسات العملية لدعم خارطة طريق التنفيذ العملي لمركز الطاقة الخضراء في مصر ولتسريع خطوات الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر.

دكتور مهندس نبيل صليب

الاستشارى والمديرالتنفيذيى لشركة إستراتيجيمايند بالمانيا Neuer Text